فصل: الجهاد لاعلاء كلمة الله:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.الجهاد لاعلاء كلمة الله:

إن الجهاد لا يسمى جهادا حقيقيا إلا أذا قصد به وجه الله، وأريد به إعلاء كلمته، ورفع راية الحق، ومطاردة الباطل، وبذل النفس في مرضاة الله، فإذا أريد به شيء دون ذلك من حظوظ الدنيا، فإنه لا يسمى جهادا على الحقيقة.
فمن قاتل ليحظى بمنصب، أو يظفر بمغنم، أو يظهر شجاعة، أو ينال شهرة، فإنه لانصيب له في الاجر، ولاحظ له في الثواب.
فعن أبي موسى، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله».
وروى أبو داود، والنسائي: أن رجلا قال: يا رسول الله: أرأيت رجلا غزا يلتمس الاجر والذكر، ماله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لاشئ له».
فأعادها عليه ثلاث مرات: فقال: «لاشئ له، إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا، وابتغي به وجهه».
إن النية: هي روح العمل، فإذا تجرد العمل منها، كان عملا ميتا، لاوزن له عند الله.
روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
وإن الاخلاص هو الذي يعطي الاعمال قيمتها الحقيقية، ومن ثم فإن المرء قد يبلغ بالاخلاص درجة الشهداء، ولو لم يستشهد.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:
«من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداءوإن مات على فراشه».
ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم العذر».
وإذا لم يكن الاخلاص هو الباعث على الجهاد، بل كان الباعث شيئا آخر من أشياء الدنيا وأعراضها لم يحرم المجاهد الثواب والاجر فقط، بل إنه بذلك يعرض نفسه للعذاب يوم القيامة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه: رجل استشهد. فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جرئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيهالك قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار» رواه مسلم أجر الاجير ومهما كان المجاهد مخلصا، وأخذ من الغنيمة، فإن ذلك ينقص من أجره.
فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من غازية، أو سرية تغزو، فتغنم، وتسلم، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق أو تصاب، إلا تم أجورهم» رواه مسلم.
قال النووي: وأما معنى الحديث فالصواب الذي لا يجوز غيره.
أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم، أو سلم ولم يغنم.
وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم، فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو، وتكون هذه الغنيمة من جملة الاجر.
وهذا موافق للاحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله: منا من مات ولم يأكل من أجره شيئا.
ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها: أي يجتنيها فهذا الذي ذكرنا هو الصواب.
وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا.
فتعين حمله على ذكرنا.
وقد اختار القاضي عياض معنى هذا الذي ذكرناه.
وروى أبو داود عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ستفتح عليكم الأمصار، وستكونون جنودا مجندة، يقطع عليكم فيها بعوث، فيكره الرجل منكم البعث فيها، فيتخلص من قومه، ثم يتصفح القبائل يعرض نفسه عليهم، يقول: من أكفه بعث كذا، وذلك الاجير، إلى آخر قطرة من دمه».

.فضل الرباط في سبيل الله:

توجد ثغور يمكن أن تكون منافذ ينطلق منها العدو إلى دار الإسلام ومن الواجب أن تحصن هذه الثغور تحصينا منيعا، كي لا تكون جانب ضعف يستغله العدو ويجعله منطلقا له.
وقد رغب الإسلام في حماية هذه الثغور، بإعداد الجنود ليكونوا قوة للمسلمين.
وأطلق على لزوم هذه الثغور، لاجل الجهاد في سبيل الله لفظ الرباط، وأقله ساعة، وتمامه أربعون يوما، وأفضله ما كان بأشد الثغور خوفا.
وقد اتفق العلماء على أنه أفضل من المقام بمكة.
وقد جاء في فضله من الأحاديث ما يلي: روى مسلم عن سلمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان».
قال: «كان ميت يختم على عمله، إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله، فإنه ينمى عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر».

.فضل الرمي بنية الجهاد:

رغب الإسلام في تعلم الرمي والمناضلة بنية الجهاد في سبيل الله، وحبب في التدريب على ذلك ورياضة الاعضاء بممارسة الرمي والمناضلة.
1- عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» رواه مسلم.
2- وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستفتخ عليكم أرضون، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه، إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة نفر: صانعه والممد به والرامي به في سبيل الله» وقد شدد الإسلام تشديدا عظيما في نسيان الرمي بعد تعلمه، وأنه مكروه كراهة شديدة لمن تركه بلا عذر.
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من علم الرمي ثم تركه فليس منا، أو قد عصى» رواه مسلم.
4- وقال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء يلهو به الرجل باطل، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنه من الحق».
قال القرطبي: ومعنى هذا والله أعلم: أن كل ما يتلهى به الرجل، مما لا يفيده في العاجل ولا في الآجل فائدة، فهو باطل والاعراض عنه أولى.
وهذه الأمور الثلاثة، فإنه وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط، فإنها حق لاتصالها بما قد يفيد، فإن الرمي بالقوس، وتأديب الفزس جميعا من تعاون القتال، وملاعبة الاهل قد تؤدي إلى ما يكون عنه ولد يوحد الله ويعبده، فلهذا كانت هذه الثلاثة من الحق.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني إسماعيل، أرموا فإن أباكم كان راميا».
وتعلم الفروسية واستعمال الاسلحة فرض كفاية وقد يتعين.

.الحرب في البحر أفضل من الحرب في البر:

لما كان القتال في البحر أعظم خطرا كان أكثر أجرا.
1- روى أبو داود عن أو حرام، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المائد في البحر له أجر شهيد، والغرق له أجر شهيدين».
2- وروى ابن ماجه عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«شهيد البحر مثل شهيدي البر والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر وما بين الموجبتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن الله وكل ملك الموت بقبض الارواح، إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم. ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين».

.صفات القائد:

وقد عد الفخري الصفات التي يجب أن تتوفر في قائد الجيش، فقال: قال بعض حكماء الترك: ينبغي أن يكون في قائد الجيش عشر خصال من أخلاق الحيوان: جرأة الاسد، وحملة الخنزير، وروغان الثعلب، وصبر الكلب على الجراح وغارة الذئب، وحراسة الكركي، وسخاء الديك وشفقة الديك على الفراريج، وحذر الغراب وسمن تعرو، وهي دابة تكون بخراسان تسمن على السفر والكد.

.الجهاد مع البر والفاجر:

لا يشترط في الجهاد أن يكون الحاكم عادلا، أو القائد بارا، بل الجهاد واجب على كل حال، وقد يكون للرجل الفاجر في ميدان الجهاد من البلاء ما ليس لغيره.

.الواجب على قائد الجيش:

يجب على القائد بالنسبة للجنود ما يأتي:
1- مشاورتهم وأخذ رأيهم، وعدم الاستبداد بالأمر دونهم، لقول الله سبحانه: {وشاورهم في الأمر} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشاورة لاصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
أخرجه أحمد والشافعي رضي الله عنهما.
2- الرفق بهم، ولين الجانب لهم، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به». أخرجه مسلم.
وروى عن معقل بن يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجتهد لهم، ولا ينصح لهم، إلالم يدخل الجنة». وروى أبو داود، عن جابر رضي الله عنه.
قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف عن المسير، فيزجي الضعيف ويردف، ويدلهم».
3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا يتورطوا في المعاصي.
4- تفقد الجيش حينا بعد حين، ليكون على علم بجنوده، يمنع من لا يصلح للحرب من رجال وأدوات، مثل المخدل وهو الذي يزهد الناس في القتال، والمرجف الذي يطلق الشائعات، فيقول: ليس لهم مدد، ولا طاقة..
وكذلك من ينقل أخبار الجيش وتحركاته، أو يثير الفتن.
5- تعريف العرفاء.
6- عقد الالوية والرايات.
7- تخير المنازل الصالحة، وحفظ مكانها.
8- بث العيون ليعرف حال العدو.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها وكان يبث العيون ليأتوه بخبر الاعداء، وكان يرتب الجيوش، ويتخذ الرايات والالوية.
قال ابن عباس: وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض. رواه أبو داود.
وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قواده عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال: «بشروا، ولا تنفروا، ويسروا، ولا تعسروا».
وعنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسروا ولاتعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وتطاوعا، ولا تختلفا». رواهما الشيخان.
عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين». رواه أبو داود.

.وصية عمر رضي الله عنه:

وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهما، ومن معه من الاجناد، أما بعد: فإني آمرك ومن معك من الاجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا، لم نغلبهم بقوتنا، فاعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا أن عدونا شرمنا، فلن يسلط علينا، فرب قوم سلط عليهم شر منهم، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفار المجوس، فجاسوا خلال الديار، وكان وعدا مفعولا، أسألوا الله العون على أنفسكم، كما تسألونه النصر على عدوكم. أسأل الله ذلك لنا ولكم.
وترفق بالمسلمين في سيرهم، ولا تجشمهم سيرا يتعبهم، ولا تقصر بهم عند منزل يرفق بهم يبلغوا عدوهم، والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم، حامي الأنفس والكراع، وأقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة، حتى تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم، ونح منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة، فلا يدخلها من أصحابك إلامن تثق بدينه، ولا يرزأ أحدا من أهلها شيئا، فإن لهم حرمة وذمة، ابتليتم بالوفاء بها، كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فنولوهم خيرا، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح.
وإذا وطئت أرض العدو، فأذك العيون بينك وبينهم، ولا يخفى عليك أمرهم، وليكن عندك من العرب، أو من أهل الأرض من تمطئن إلى نصحه وصدقه، فإن الكذوب لا ينفعك خبره، وإن صدقك في بعضه والغاش عين عليك، وليس عينا لك.
وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع، وتبث السرايا بينك وبينهم، فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم وتتبع الطلائع عوراتهم. وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك، وتخير لهم سوابق الخيل، فإن لقوا عدوا كان أول من تلقاهم القوة من رأيك، واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد، والصبر على الجلاد، ولا تخص بها أحدا بهوى، فتضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصتك، ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف فيه غلبة أو صنيعة ونكاية.
فإذا عاينت العدو فاضمم إليك أقاصيك، وطلائعك، وسراياك، واجمع إليك مكيدتك وقوتك، ثم لا تعاجلهم المناجزة، ما لم يستكرهك قتال، حتى تبصر عورة عدوك ومقاتله، وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها، فتصنع بعدوك كصنعه بك.
ثم أذك على عسكرك، وتيقظ من البيات جهدك، ولا تمر بأسير له عقد إلا ضربت عنقه، لترهب به عدو الله وعدوك.
والله ولي أمرك ومن معك، وولي النصر لكم على عدوكم، والله المستعان. اهـ.

.واجب الجنود:

وواجب الجنود بالنسبة لقائدهم: الطاعة في غير معصية.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني.»
وأما الطاعة في المعصية، فإنه منهي عنها، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقد روى البخاري ومسلم عن علي كرم الله وجهه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلا من الانصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فعصوه في شئ، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا، ثم قال: أوقدوا نارا فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا وتطيعوا؟ فقالوا: بلى.
قال: فادخلوها، فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله من النار، فكانوا كذلك حتى سكن غضبه، وطفئت النار.
فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لو دخلوها، ما خرجوا منها أبدا، وقال: لاطاعة في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف».